إيمان أبو قاعود
لم تكن خبيرة التدبير المنزلي سميرة الكيلاني تدرك أن حادثة اختناقها جراء استعمال مادتي “الكلور والفلاش” للتنظيف، ستغير حياتها باستبدال جميع الكيماويات في منزلها بمواد طبيعية، وتقديم النصائح لجميع السيدات عبر وسائل الإعلام المختلفة، لقناعتها التامة بأنها واحدة من آلاف النساء ممن تعرضن لهذا الموقف من حيث خلط مواد كيماوية للتنظيف لا يدركن خطورتها.
وللكيلاني تجربة في كل مرحلة من مراحل حياتها كما تروي، فشعارها في الحياة “اليوم الذي لا أتعلم فيه شيئاً جديداً، هو وقت مهدور”، فبدأت صناعة الصابون، ثم ألفت كتاباً يعتبر من أوائل الكتب في المكتبة العربية عن التدبير المنزلي تحت عنوان “عندي فكرة”، بعدها، ابتكرت “ماركة” لصناعة مستحضرات التجميل للعناية بالجسم والشعر بعنوان “شيا سيكرت”.
العودة إلى الطبيعة
تقول الكيلاني لشبكة نساء النهضة: “إثر اختناقي بمادتي الكلور والفلاش جراء استنشاق المواد السامة، توقفت كثيراً عند هذا الأمر، ففكرت على الفور بالبدائل الطبيعية التي يمكن استخدامها في التنظيف، إذ لا بد من أن الكثير من النساء يتشاركن هذه المعاناة، فأخذت على عاتقي إيصال رسالة إلى الجميع مفادها “العودة إلى استخدام المواد الطبيعية”، لأبدأ بالبحث عن الطريقة”.
وتَعزي الكيلاني نجاحها إلى ثلاثة أمور؛ أولها، خبرتها الكبيرة التي اكتسبتها من والدتها -رحمها الله- وهي المرأة المدبرة التي كانت تملك الكثير من الوصفات المنزلية والجمالية، بالإضافة إلى إتقان الخياطة، والتطريز، و”الكروشيه”، والطبخ بحرفية عالية؛ والأمر الثاني كان لوالدها الشاعر دوراً في نشأتها المشجعة على الحوار والنقاش وتبادل المعلومات بين أفراد أسرتها؛ أما الأمر الثالث فهو أنها وأثناء مشاركتها في برامج المسابقات المنتشرة آنذاك في العالم العربي على غرار “من سيربح المليون، والمليونير، والمحك” -والتي لم يحالفها الحظ في أي منها- قال لها متسابق بحريني “أنت تملكين الكثير من المعلومات، لماذا لا تجمعينها في كتاب؟”. فتبادر إلى ذهنها كتاب تفتقده المكتبة العربية ومن هنا جاءت فكرة تأليف كتاب “عندي فكرة” وكان ذلك في العام 2012. ومع حب الكيلاني للاختلاف والتميز، كان كتابها مختلفاً.
وصفات مجرّبة في كتاب
وتوضح الكيلاني: “يضم كتابي “عندي فكرة” نحو 2000 وصفة “صديقة للبيئة” يمكن استخدامها للتنظيف، والتدبير المنزلي، والحدائق، والطعام، والتجميل وباستخدام المواد الطبيعية المتوفرة في المنازل، بعيداً عن الكيماويات”، مؤكدة على أنها قامت بتطبيق كل وصفة موجودة في الكتاب قبل عرضها بهدف التطوير، لافتة إلى نفاد كل نسخ الكتاب، ما اضطرها إلى إعادة طباعته لعدة سنوات، إلى أن وصل الطبعة الخامسة، مؤكدة على أن سعر الكتاب رمزي، ليتناسب مع رسالته في تقديم وصفات للتدبير المنزلي.
وتكمل الكيلاني: “خلال حفل توقيع كتابي في “المكتبة الوطنية”، حضرت مجموعة من وسائل الإعلام من بينها قناة “رؤيا” التي اطلعت عليه، واتفقت معي على تقديم فقرة تدبير منزلي ضمن برنامجها الصباحي، ومنذ عشر سنوات وأنا أقدم الفقرة على الهواء مباشرة كل يوم أحد. بعدها، تواصلت معي قناة الجزيرة بعد متابعتها لي، لتعرض علي أن تقديم فقرة مسجلة كل يوم إثنين ضمن برنامج الجزيرة هذا الصباح، وكان هذا منذ ثلاث سنوات. كما أقوم بعرض وصفاتي عبر قناة اليوتيوب الخاصة بي منذ ست سنوات. لافتة إلى حصولها على الدرع الفضي (YouTube Silver Play Button) من إدارة موقع يوتيوب الشهير – وهو هدية من شركة “يوتيوب” للقنوات الأكثر شعبية، تهدف ويتم الحصول عليه عندما يبلغ عدد مشتركي القناة 100 ألف مشترك- وتعتبر من الأشخاص القلائل في الأردن الذين حصلوا عليه.
أسرار الشيا في منتجات جمالية
وحول منتجاتها التجميلية للعناية بالجسم والبشرة والشعر، بدأت قصة الكيلاني منذ صغرها، إذ كانت تراقب خالتها وعمتها وهما تحولان زيت الزيتون إلى مادة الصابون، لتذهل بهذا الاختراع، وتبدأ بالقراءة عنه والبحث فيه، وتتعلم صناعة الصابون بروائحه المختلفة، وتوزيعه على الأقارب والأصدقاء. استمر الشغف لديها بتعلم ما هو جديد عن منتجات التجميل عبر السنوات، فالتحقت بالعديد من الدورات المحلية أو الخارجية من خلال سفرها بحكم عمل زوجها.
وتسرد الكيلاني “سافرت مع زوجي إلى السودان بحكم طبيعة عمله، فتعرفت على “زبدة الشيا”، وتعلمت عن هذه المادة الكثير، وقرأت أكثر، وتواصلت مع أصحاب الخبرة لأعرف كيفية الاستفادة منها، وتولدت علاقة بيني وبين هذه المادة التي أعتقد أني تعرفت إلى جميع أسرارها، وكيفية التعامل معها في درجات الحرارة المختلفة، وتصنيعها، والآثار الجمالية لها على البشرة والجسم والشعر”. بدأت الكيلاني بعدها بتصنيع منتجات جمالية جربتها بنفسها إضافة إلى أقاربها وصديقاتها، ثم أصبحت منتجاتها متوفرة في الأسواق المحلية والعربية والعالمية لجودتها، فأطلقت عليها اسم “شيا سيكرت” -أو “أسرار الشيا” بالعربية.
وتفخر الكيلاني أنها بدأت بتصنيع هذه المنتجات باستخدام “طنجرة” و”صحن بايركس”، لافتة أنها ما زالت تحتفظ بهما إلى اليوم ضمن مقتنياتها الثمينة، ثم بدأت التصنيع في معمل استحدثته في منزلها. أما الآن، فيحدث التصنيع في مصنع صيدلاني، ويشرف على منتجاتها أطباء مختصون، موضحة أن منتجاتها حاصلة على تصريح من مؤسسة الغذاء والدواء الاردنية.
الكيلاني التي لا تستطيع أن تصف سعادتها عندما تتلقى اتصالاً هاتفياً، أو تلتقي سيدة تخبرها أن حياتها تغيرت بعد أن استعملت الوصفات الطبيعية التي تقدمها عبر وسائل الإعلام، تدرك تماماً أن رسالتها التي سعت إليها قد وصلت.
كما أنها قد بدأت العمل بعد وصول أبنائها الأربعة لمراحل عمرية يستطيعون فيها الاعتماد على أنفسهم، فتفرغت للعمل وتطوير خبراتها ومهاراتها، لتصبح مرجعاً في التدبير المنزلي، متلقية الدعم والتشجيع من زوجها في كل خطوة، متخذة شعار “إذا أردت أن تتميز، فلا بد أن تقوم بعمل مختلف عن الآخرين”. موضحة أن بمقدور أي شخص الاستزادة من التعليم، وأن يطور من مهاراته، فخدمات الإنترنت متاحة للجميع، والمعلومات الموجودة تعالج كل القضايا.”
يشار إلى أن “شبكة نساء النهضة” والتي تعمل تحت مظلة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، تعمل على تسليط الضوء على قصص نجاح السيدات، في مختلف مواقعهن، وكيف تغلبن على التحديات التي واجهتهن ضمن سلسلة من القصص التي سيتم نشرها تباعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تأتي هذه المدونة ضمن سلسلة من القصص التي يتم انتاجها في إطار مشروع “لأجلهن وبإرادتهن” والذي تنفذه منظمة النهضة (أرض) بالشراكة مع مؤسسة هينرش بل – مكتب فلسطين والاردن.
“تم إنتاج هذه المادة بدعم من مؤسسة مؤسسة هينرش بُل – فلسطين والأردن. الآراء الواردة هنا هي آراء المؤلف/المؤلفين، وبالتالي لا تعكس بالضرورة رأي مؤسسة هينرش بل.”