الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

الحق لأصحاب الأرض في يوم الأرض

مشاركة

بقلم: جلال أبو صالح

فيما يحل الثلاثون من آذار، حيث ذكرى يوم الأرض الثامنة والأربعين، تشتد مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الذي يشن اليوم حرب إبادة في قطاع غزة المنكوب، ويسارع الخطى لمصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وابتلاع الحقوق الوطنية للفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم في فصول جديدة من التهجير والاقتلاع، حيث تنشط الدعوات في هذا اليوم استمراراً لمعركة الصمود والبقاء والتصدي للاستيطان والتهويد.

قبل أيام من ذكرى يوم الأرض، الذي يحييه الفلسطينيون في جميع مواقعهم، داخل أراضي الـ 48 وفي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وفي الشتات، أصر بتسلئيل سموتريتش، الذي يحمل حقيبة المالية في حكومة الإجرام والإبادة الجماعية، على تذكير الفلسطينيين والعالم برمزية هذه الذكرى، عندما بادر إلى مصادرة 9 آلاف دونم (800 هكتار) من الأراضي الفلسطينية في منطقة الأغوار واعتبارها أراضي دولة يمكن لحكومة الاحتلال أن تخصصها لبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة أو توسيع القائمة.

القرار الاسرائيلي لقي رفضاً واستنكاراً من مختلف الدول، بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، فضلاً عن الرفض الفلسطيني والعربي الواسع، لكن كل هذا الرفض لم يمنع الاحتلال عن المضي في قراره الذي يعد سابقة من نوعها حيث أنه أول قرار مصادرة لأراضي فلسطينية منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.

إذ تشير آخر الأرقام التي استعرضها الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إلى أنه ومنذ عدوان الاحتلال على قطاع غزة في السابع من تشرين أول 2023، دمر أكثر من 31 ألف مبنى وتضرر بشكل كبير حوالي 17 ألف مبنى، فيما تضرر بشكل متوسط أكثر من 41 الف مبنى، ليصبح عدد المباني المتضررة حوالي 89 ألف مبنى منها 104 مباني تابعة للأمم المتحدة.

فيما تقدر أعداد الوحدات السكنية التي تم تدميرها بشكل كلي بما لا يقل عن 79 ألف وحدة سكنية، إضافة الى تدمير أكثر من 290 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي وتشكل في مجموعها حوالي 70% من الوحدات السكنية في القطاع، بالإضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية، وآلاف المباني من المنشآت الاقتصادية وكافة مناحي البنى التحتية من شوارع وخطوط مياه وكهرباء وخطوط الصرف الصحي.

أما في الضفة الغربية فدمر الاحتلال وهدم ما يزيد عن 659 مبنى ومنشأة بشكل كلي أو جزئي منها 70 عملية هدم ذاتي في القدس، وذلك وفقاً لبيانات مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فضلاً عن إصدار 1.333 أمر هدم لمنشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص.

وعمدت الحكومة الإسرائيلية، بحسب جهاز الإحصاء، إلى بناء 483 مستعمرة وبؤرة استيطانية وموقعاً عسكرياً في الضفة الغربية مع نهاية عام 2021.

وبخصوص المخططات التوسعية للاحتلال، تشير معطيات مركز الإحصاء إلى أن إسرائيل صادقت على 70 مخططًا استعماريًا لبناء أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية في القدس لوحدها خلال عام 2021. ويعكس هذا الوضع أطماع إسرائيل في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بتنفيذ 378 عملية هدم شملت 953 منشأة بالضفة الغربية في عام 2022.

وفي هذا السياق، يلفت أمير داود مدير التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن هناك مجموعة كبيرة جداً من الإجراءات الاحتلالية الاستعمارية التي أغرقت الأراضي الفلسطينية. ويوضح أن الاحتلال عمل منذ احتلاله أراضي عام 1967 على إعلان أكثر من 1.5 مليون دونم من الأراضي الفلسطينية كـ”أراضي دولة”.

ويؤكد أن هذا الإعلان هو وسيلة من الاحتلال لتسليم الأراضي للمشروع الاستيطاني وبناء مستوطنات جديدة، مبينًا أنّ سلطة الاحتلال قد خصصت جزءاً كبيراً من منظومتها القانونية من أجل هذه السيطرة على الأراضي، مشدداً على أن الهدف من هذه الإجراءات الاستعمارية الإسرائيلية هو عزل الفلسطينيين في كانتونات صغيرة ومحاصرة وجودهم وخنقه بالمواقع الاستيطانية والعسكرية وإحداث حالة تهجير قسري.

“الأرض”.. وحرب الإبادة في غزة

إذاً، هي الارض.. أساس الصراع بين أصحاب الحق الفلسطينيون وبين مغتصبي الأرض الاسرائيليون، كانت وما زالت أسُّ الصراع ومحركه الرئيسي، حيث الاحتلال الصهيوني يقوم أساساً على فكرة احلال اليهود مكان الفلسطينيين في أرضهم وممتلكاتهم. وصحيح أن الصراع شامل ومتشعب يشمل الإنسان والتاريخ والحاضر والمستقبل، لكن الأرض تبقى العنوان الأساسي لهذا الصراع،  بما عليها من إنسان وحجر وشجر.

وفيما تتصدر غزة اليوم وحرب الإبادة التي تجري فيها على أيدي مجرمي العصر الحديث، المشهد خاصة مع ارتفاع أعداد الشهداء في العدوان الحالي إلى أكثر من 30 ألف شهيد، أغلبهم من الأطفال والنساء، ومضي الاحتلال في سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري، فإن ليوم الأرض وذكراه أهمية كبيرة لدى الشعب الفلسطيني، فهو اليوم الذي هب فيه الفلسطينيون في أراضي الـ 48 في 30 اذار 1976 إلى الانتفاض على سلطات الاحتلال بعد مصادرتها آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة أو المشاع في حدود مناطق ذات أغلبية سكانية عربية.

في ذلك اليوم التاريخي عام 1976 عم إضراب عام ومسيراً من الجليل إلى النقب وأندلعت مواجهات أسفرت عن ارتقاء ستة فلسطينيين شهداء وأُصيب واعتقل المئات، وهب كل الفلسطينيون في الضفة وغزة والشتات للتضامن مع اخوتهم في أراضي الـ 48، بل وذهبوا إلى إحياء هذا اليوم سنوياً باعتباره علامة فارقة وحدثاً محورياً في الصراع مع المحتل.

تذكير بحقيقة الاحتلال

وكان الاحتلال منذ قيام كيانه عام 1948 وحتى ما قبله، حرص على استيلاء الأراضي الفلسطينية ومصادرتها بكل الطرق والحيل، وما يزال حتى اليوم ينتهج هذه السياسة العدوانية خاصة في القدس والضفة الغربية المحتلة. لذلك، جاءت خطوة الحكومة الاسرائيلية الجديدة بمصادرة 9 آلاف دونم من الأراضي الفلسطينية في الأغوار، لتعيد تذكير الفلسطينيين والعالم بأن أساس الاحتلال هو مصادرة الأرض والاستيلاء عليها من أصحابها الشرعيين والمنغرسين فيها ليوم الدين.

هذه الخطوة العدوانية وغير القانونية تعيد تسليط الضوء على توسيع الإسرائيليين المحتلين لمستوطناتهم في الضفة والقدس، حتى وصل عدد المستوطنين في الضفة اليوم لنحو 800 الف، يزاحمون الفلسطينيون على أراضيهم ومياهمم وزراعتهم وحقوقهم التاريخية.

وخطورة القرار الإسرائيلي الأخير يلخصها المحلل السياسي الفلسطيني عصمت بالقول إن “التسارع في وتيرة الاستيطان لا يرتبط فقط بدوافع (أيدولوجية)، لكن هناك دوافع سياسية، إذ إن الحكومة تؤمن بالاستيطان وتستند على أصوات المواطنين في الانتخابات البرلمانية لإرساء ذلك”.

ويضيف منصور “اليوم هناك وزراء متطرفون في أهم وزارات الحكومة الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى تسارع الوتيرة، واختصر الإجراءات البيروقراطية”، لافتا إلى أن “قرارات الاستيطان تتولاها دائرة مغلقة من الحكومة وهي من تتخذ أي قرار لتحويل أي أراض إلى أراضي دولة كما حدث في غور الأردن”.

التأكيد على أحقية الأرض  

ليوم الأرض هذا العام طعم مر آخر، حيث يترافق إحياء ذكراه مع المجزرة المفتوحة والإبادة المشرعة أبوابها في قطاع غزة، ويتوقع ليوم الأرض أن يشكل حافزاً شعبياَ في الضفة الغربية ضد ممارسات العدوان الصهيوني وضد مصادرة التسعة آلاف دونم الأخيرة.

لذلك من الضروري التأكيد في هذه المناسبة العالمية على حق السكان الأصليين في أراضيهم والصمود عليها، ورفضهم للنزوح، فضلاً عن الدور المهم لكافة الجهات بدعمهم ومساندتهم لإعادة إعمار البيوت والمستشفيات والمؤسسات لضمان بقاءهم خصوصاً ما بعد الحرب، وكذلك أهمية المساءلة القانونية للاحتلال، مع العمل على تعزيز الهوية العربية الفلسطينية، من خلال التمسك بالرواية التاريخية والذاكرة الجماعية التي مرت بمحطات مهمة في تاريخ الفلسطيني مثل النكبة ويوم الأرض، وِغيرها. فـ”يوم الأرض” هو علامة مؤثرة للتعبير عن تمسك الفلسطينين بأرضهم، وحق العودة.. والأهم أنه تذكيراً بتوريث الصمود من جيل إلى جيل.