الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

“تقرير عن حالة الهجرة العالمية 2019: الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة في سياق المنطقة العربية” مدونة لمركز النهضة الفكري

مشاركة

السياق

يصادف 18 كانون الأول/ديسمبر اليوم العالمي للمهاجرين، وهنا تغتنم منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) الفرصة لتسليط الضوء على تقرير الحالة الثالث للهجرة العالمية الصادر مؤخرًا عن الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للهجرة. إذ يتناول التقرير الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والهجرة النظامية في سياق المنطقة العربية. كما يتضمن التقرير إحصاءات ومعلومات ووقائع قيمة عن الاتجاهات والتطورات في هذا الملف، ويستنتج ثلاثة تحديات تجابهها المنطقة تجب مواجهتها للتمكن من استخدام الميثاق العالمي للهجرة الآمنة كأداة لتحقيق تنسيق حكومي وإدارة أفضل للهجرة العالمية تنطلق من نهج يركز على الإنسان. يسعى مركز النهضة الفكري في منظمة النهضة (أرض) من خلال هذه المدونة، وعبر تحليل هذا التقرير، إلى تحديد الجهود اللازمة للتأثير على سياسات الهجرة وتحسين وضع المهاجرين في المنطقة، ويقترح ملاحظات وتوصيات للمضي قدمًا.

اتجاهات الهجرة والنزوح والارتحال والتطورات في المنطقة العربية

 يقدم التقرير نظرة عامة على أحدث اتجاهات الهجرة والنزوح في المنطقة العربية والمناطق المتفرعة عنها. يأتي هذا التقرير في إطار الهدف الأول للاتفاق العالمي من أجل الهجرة أي استخدام بيانات الهجرة كأساس للسياسات القائمة على الأدلة. توضح البيانات المبرزة استقبال دول مجلس التعاون الخليجي معظم المهاجرين في المنطقة العربية، ولا تزال هذه الدول مركزًا كبيرًا لهجرة اليد العاملة حيث سجلت أعلى نسبة لاستقبال العمال المهاجرين من إجمالي القوى العاملة في جميع أنحاء العالم في 2017. كما يتضمن التقرير معلومات حول التحويلات المالية من المنطقة وإليها، إذ استلمت دول المشرق أكبر مبلغ من هذه التحويلات بقيمة 38.6 مليار دولار في عام 2017 (أي ما يساوي 72% من جميع التحويلات المالية المرسلة إلى المنطقة العربية). أما مصر، فاستقبلت تحويلات أكثر من أي بلد عربي آخر في عام 2017، تليها لبنان. أظهر تحليل الدوافع الرئيسية للهجرة والارتحال في المنطقة العربية أنّ التحصيل العلمي يعد من العوامل المؤثرة في هذا الصدد. كما بينت الأرقام أنّ الأردن يستضيف أكبر عدد من اللاجئين والمهاجرين في منطقة المشرق الفرعية منذ عام 1990، حيث ارتفع عدد المهاجرين بشكل ثابت من 1.1 مليون في عام 1990 إلى أكثر من 3.2 مليون في عام 2017. يليه لبنان والذي أصبح في عام 2012، ثاني أعلى بلد من حيث عدد اللاجئين والمهاجرين في المشرق.

كما يناقش التقرير تفاصيل تغيرات حوكمة الهجرة في المنطقة العربية على مستوى التشريعات والسياسة المحلية مع الاعتراف بالقيود البحثية في نطاق السياسات المعتمدة ومنهجيتها، ودون مناقشة تنفيذ تلك السياسات. ومع أخذ تلك القيود في الاعتبار، لا بد من إيلاء الاهتمام اللازم للتحليل الذي يتبع هذه الاتجاهات والتطورات؛ حيث إنّ الحقائق على أرض الواقع هي ما يهدف الاتفاق العالمي من أجل الهجرة للوصول إليه والتأثير به في نهاية المطاف.

تحديات تطبيق الاتفاق العالمي من أجل الهجرة في العالم العربي

بناءً على النتائج الواردة في التقرير، يخلص تحليل الآثار المترتبة على السياسة فيما يتعلق بـالاتفاق العالمي من أجل الهجرة، إلى تحديد ثلاثة تحديات رئيسية تعيق تطبيق هذا الاتفاق.

وقبل مناقشة هذه التحديات، تجدر الإشارة إلى أنّ الآثار المترتبة على السياسات تركز على ثلاثة مجالات ذات أولوية، وهي:

1) الإدماج الكامل للمهاجرين وحقهم في الحصول على الخدمات الأساسية مع التركيز على الخدمات الصحية منها؛

2) معالجة نقاط ضعف المهاجرين وتقليلها؛

3) منع تهريب المهاجرين والاتجار بهم ومكافحته.

حيث يكمن التحدي الأول في أنّ نسبة المواطنين في الخارج والمهاجرين المقيمين في الدول العربية -مقارنة بإجمالي عدد السكان- تفوق المتوسط العالمي بمعدل الثلثين. يتطلب هذا التحدي فهمًا أعمق خاصًا بكل دولة وما الذي يدفع مواطنيها لمغادرة المنطقة العربية مع كيفية تشكيل المجتمع بطريقة تحفزهم للبقاء فيها. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدم العديد من الدول العربية -بسبب موقعها الجغرافي القريب من “الغرب”- كنقطة عبور من خلال تدفقات الهجرة المختلطة التي نشأت في إفريقيا وآسيا والمتجهة إلى أوروبا وشبه الجزيرة العربية. إنّ متابعة رحلات الهجرة هذه أمر مهم في تمكين الحفاظ على الهوية العربية أثناء عملية الاندماج في بلدٍ جديد.

أما التحدي الثاني الذي تمت مناقشته، فيكمن في فجوات إدارة الهجرة في البلدان العربية والتي تؤدي إلى إضعاف مكانة المهاجرين. يسلط التقرير الضوء على هشاشة وضع العمال المهاجرين والمنزليين بسبب نظام الكفالة الذي يسود المنطقة العربية كما يلقي نظرة ثاقبة على وضع المرأة في التشريعات الوطنية والعواقب المترتبة على حقوقها وحقوق أطفالها. بصرف النظر عن التقدم المحرز في جهود التوثيق في المنطقة، فإنّ الثغرات في القوانين والسياسات التي تحكم الوصول إلى الجنسية والمواطنة من جهة، والإقامة طويلة الأجل لمجتمعات المهاجرين في البلد المضيف من جهة أخرى، تشكل عقبات أمام الحد أو التخفيف من استضعاف هذه الفئات. يشير التقرير إلى أن هذه القضايا تتطلب تعبئة المجتمع المدني للحد من حواجز الحصول على المواطنة، وتنفيذ تشريعات الجنسية غير التمييزية، وضمان وضع الإقامة المعترف به مع ضمانات حقوق المهاجرين.

ومن العوامل الأخرى التي تشكل عقبة في هذا السياق، حساسية مناقشة مواطن هشاشة وضع المهاجرين والأوراق الثبوتية في العديد من البلدان العربية المضيفة، حيث تشكّل القضايا ذات الصلة خطرًا على المنظمات الإنسانية تتمثل في النتائج المترتبة بعدم حصولها على إذن للعمل في هذه الدول.

ثالثًا، تؤدي التحديات في تنفيذ القانون إلى وقوع ممارسات غير قانونية. حيث تنبع هذه المشكلات من التحدي الثاني أي وجود فجوات في الإطار القانوني للمهاجرين على المستوى الوطني. حُدّدت عواقب نقص الوثائق والثغرات الموجودة في النظام القانوني المحلي بكونها السبب في تزايد عدد السكان ممن لا يحملون أوراقًا ثبوتية بالإضافة للمخاطر التي يتعرض لها العديد من المهاجرين من ذوي الأوضاع غير القانونية، الأمر الذي يعرضهم لخطر الوقوع ضحية للجريمة المنظمة التي يرتكبها المهرّبون وتجار البشر في طرق الهجرة المختلطة في جميع أنحاء المنطقة العربية. علاوة على ذلك، يتعرض العمال المهاجرون ذوو الدخل المنخفض لخطر ظروف العمل غير القانونية والاستغلالية التي يفرضها أرباب العمل. ويواجه هؤلاء الأفراد المستضعفون أيضًا قيودًا في الوصول إلى العدالة والإنصاف نظرًا لتهميشهم وهشاشة وضعهم فيما يتعلق بالصكوك القانونية.

أما بالنسبة لصعوبات التوثيق الناجمة عن الثغرات في التشريعات، فهناك أمر كبير آخر يعوق تطبيق الاتفاق العالمي للهجرة في المنطقة العربية والذي أظهره التقرير على أنه فجوة معرفية ناجمة عن نقص في البيانات فيما يتعلق بحقائق الهجرة وأرقامها في بلدان مثل لبنان والأردن. ونتيجة لذلك، لا تستطيع الدول صنع سياسات هجرة مبنية على الحقائق نتيجة النقص الحاد في البيانات المتعلقة بالأوضاع في هذا البلد والمنطقة كذلك. لذا، لا بد أن تكون معالجة الفجوة المعرفية ضمن الأولويات المطلقة للمعنيين بالهجرة لتتوفر لهم مؤشرات ذات مغزى بهدف تحديد القضايا وتصميم السياسات ورصد النتائج. يضع هذا التقرير قاعدة أولية يمكن أن تنطلق منها البلدان ذاتها في المنطقة لتحديث بيانات الهجرة فيها واستكمال التقرير، والتطوير على دقة المعلومات فيه مع الجوانب الخاصة بكل بلد.

المضي قدمًا

توفر هذه المراجعة لملف الهجرة في المنطقة العربية من خلال هذا التقرير فرصًا جديدة للجهات المعنية والبلدان المضيفة لتحديث مناهجها وسياساتها وتطويرها بما يتوافق مع أهداف الاتفاق العالمي من أجل الهجرة. إلا أن منظمة النهضة (ارض) تود أن تلفت النظر إلى عدم إشارة التقرير إلى إمكانات الصكوك القانونية الإقليمية القائمة بالفعل -مثل الميثاق العربي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بحقوق الطفل في الإسلام- والتي يمكن أن تحفز التنفيذ وسد الثغرات في عدم وجود صكوك دولية معيارية. قد تكون الدول العربية أكثر تقبلًا للاتفاقيات العربية، ولذلك توصي منظمة النهضة (أرض) بشدة باستخدام الأحكام القانونية الموازية في هذه الصكوك الإقليمية وتعزيزها بما ينسجم مع روح النهضة.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من الدور المهم للمجتمع المدني وأثره في تنفيذ بنود الاتفاق العالمي من أجل المهاجرين والمذكورة في التقرير، إلا أن منظمة النهضة (أرض) تدرك أنّ اعتماد المجتمع المدني على الجهات المانحة في عمله يعتبر تحديًا آخر يعيق تنفيذ هذا الاتفاق في المنطقة العربية. بناءً على تحدي توفر هذا التمويل واتجاهاته، هناك جانب هام لمنظمات المجتمع المدني لضمان استمرارية خدماتها واتساقها في الوفاء باحتياجات المهاجرين وفقًا للاتفاق، كما تؤكد منظمة النهضة (أرض) على ضرورة إعطاء الأولوية لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المحلية والإقليمية عند تخصيص التمويل. لن يؤدي هذا إلى تخفيف حدة المنافسة في حشد التمويل فحسب، بل يوفر أيضًا فرصة للمنطقة العربية للعب دور أكثر نشاطًا في صياغة سياسة الهجرة والتي تُترجم بطريقة تناسب احتياجات المنطقة.

في الختام، تساعد البيانات والتحليلات الواردة في التقرير الجهات المعنية في تعريف الوضع ضمن سياق الهجرة داخل المنطقة. كما تدعم جهود مركز النهضة الفكري في المنظمة لفهم تطلعات الشباب وعمليات صنع القرار فيما يتعلق بمستقبلهم بين قرار الهجرة وفرص البقاء في المنطقة العربية.