الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

جبل عمان ووسط البلد ينبضان بروح المكان والهوية الثقافية

مشاركة

في العاصمة الأردنية عمَان والتي تجسد روح المدينة وسيرة تطورها، ينبض وسط البلد وجبل عمان بروح المكان والهوية، هذه مناطق عمَان التاريخية التي تحتضن نحو 50 جهة من الفضاءات الثقافية والفنية المتنوعة ممثلة بالعديد من الجهات والمراكز الثقافية والمشاريع الريادية عملت جميعها على تشكيل علاقة الإنسان مع المكان، هوية وذاكرة وفن وثقافة.

روح المكان والهوية والخصوصية التي تتمتع بها منطقة وسط البلد وجبل عمَان خلقت نوع من التناغم والتآلف ونسيج اجتماعي لا يمكن إنكاره بين هذه الفضاءات الثقافية والفنية سواء كانت مقاه ثقافية، مراكز ثقافية، أو حتى مشاريع ريادية.

قطاعات ثقافية وفنية كثيرة مختلفة تضررت بشكل كبير، مسارح وملتقيات ثقافية وفكرية ومكتبات وفرق موسيقية ودور سينما تعرضت للإغلاق لفترات طويلة بسبب جائحة كورونا. كذلك تفاقمت المشكلة مع إلغاء الكثير من المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب وحفلات المسارح، مما زاد من معاناة هذه المؤسسات اقتصادياً وكبدها خسائر فادحة حرمت الكثيرين من مردود مالي يعيشون منه.

هذا القطاع الذي كان يعاني من نقص السيولة وقلة الدعم المادي، بات يرزخ تحت وطأة أزمات متتالية، وقيود خانقة تمنعه من المضي قدمًا لتحقيق وإكمال نهضة ثقافية عمَانية بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي.

القطاع الثقافي ما يزال منهكاً، الأمر الذي يدعو لضرورة تقديم “الدعم الحقيقي” للقطاع بجميع ألوانه وتشكيلاته الأدبية والمعنوية، وإشراك المؤسسات الثقافية والفنية والإعلامية، وتفعيل دور القطاع الخاص الذي يشكل دعمه محركًا أساسياً لنهضة المشهد الثقافي وضمان استمراريته.

استمرارية الحياة الثقافية في عمَان تحديداً لا ينقصها المنتديات الثقافية، أو المسارح، أو المعارض الفنية، فنحن فخورون بأننا نمتلك العديد من المساحات والفضاءات التي تحتضن مختلف أشكال الإبداع والأنشطة الثقافية، وتستهدف بشكل أساسي المبدعين والمثقفين لتسليط الضوء عليهم وإيجاد فضاء للقاءاتهم وإنتاجاتهم.

ليس ذلك فقط؛ بدأ جبل عمَان منذ بداية تسعينيات القرن الماضي بالتحول إلى مكان لتجمع الفنانين، والمثقفين، والمبادرات الشبابية في بيوته القديمة، وتحت ظلال أشجاره مقاهٍ ثقافية أو معارض للفنون أو مراكز لتدريب الأفراد على بعض الأنشطة الثقافية والفنية كالرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي.

في جبل عمَان تجمع متكامل للنشاطات الثقافية والفنية، ففيه العديد من المراكز والمعاهد والمجالس والمنتديات الثقافية والمتاحف، فهناك على سبيل الذكر: المجلس الثقافي البريطاني؛ والمركز الثقافي التركي؛ والمعهد الإيطالي؛ ومنتدى عبد الحميد شومان الثقافي؛ ومنتدى النهضة الفكري؛ ومركز الحسين الثقافي؛ ونادي الأردن؛ ومتحف الحياة البرلمانية؛ وجبل القلعة ومتحفها في وسط البلد؛ ومنظمة النهضة العربية (أرض)، وجمعية أهالي جبل عمَان؛ وغيرها.

استقطبت طبيعة منطقة جبل عمَان الكثير من الفنانين التشكيليين لإقامة معارضهم فيها وممارسة نشاطاتهم، منها: جاليري وادي فينان؛ ونبض غاليري؛ وفضاء 317؛ واسطرلاب للفن والثقافة؛ ومقهى ومعرض جدل؛ وفيومي جاليري؛ ومرسم سلام كنعان.

وبشأن المسارح، فهناك: الرينبو؛ والبلد؛ وشمس البلد؛ والأوديون؛ وعمون؛ ومسرح مؤسسة عبد الحميد شومان؛ والهيئة الملكية الأردنية للأفلام؛ وغيرها.

وأيضاً هناك مكتبات عامة كمكتبة عبد الحميد شومان العامة؛ ومكتبة درب المعرفة للأطفال واليافعين؛ ومقهى جدل؛ ومكتبة الأميرة إيمان؛ ومكتبة وسط البلد التابعة لأمانة عمان. 

ولكن للأسف تحاول بعض الجهات المسؤولة على استغلال روح المكان وهويته تحت مسمى “التطور والحضارة” من أجل تحقيق الربح المادي، بدلاً من النهوض بالمشهد الثقافي الأردني وتشجيعه.

فمباني عديدة وقديمة في مناطق مختلفة بدءاً من منطقة جبل عمَان مروراً بوسط البلد تباد وتهدم باسم “الحضارة”، ليس ذلك فقط بل بدأت جهات استغلالية ببناء مجمعات تجارية وفنادق ضخمة بين جنبات بيوت قديمة لم تعد أشجارها التي غرست تنبض بالحياة.

المطلوب في هذه المرحلة احتضان هذه المنتديات الثقافية والمقاه الثقافية والمبادرات الشبابية وتشجيعها على الديمومة والاستمرار وليس وأدها في مهدها.

خلف تلك الباقة المتنوعة من الفضاءات الثقافية والفنية، ثمة الكثير من الجهود المؤسساتية والشبابية، تسعى لإيصال أدبهم وفنهم وموسيقاهم ومسرحهم، وكل ما يقدمونه من محتوى لأجل المجتمع، هذا المجتمع الذي ينقصه الكثير.

ما ينقصنا هو حماية الإرث الفكري والثقافي والفني لهذه المناطق، والاهتمام بدعمها والمحافظة على ديمومة هذه الأمكنة، لما تحويه من مخزون ثقافي وإبداعي أصيل ساهم في نهضة المملكة، وذاكرة حافظة لقيمها، ومقوماً لهويتها، وفكرها وحضارتها.

ما ينقصنا أن يكون للثقافة المكانة التي تستحقها للنهوض بالمشهد الثقافي الأردني وذلك لن يتحقق سوى بالدعم المادي، ويجب إعادة التفكير في استثمار الرأسمال الثقافي الأردني، فموازنة وزارة الثقافة التي بلغت العام الماضي (947) ألف دينار أي ما يقارب 95 فلساً للفرد الواحد سنوياً، وهذا المبلغ لا يكفي بالنهوض ولا يليق بالمشهد الثقافي الوطني الذي نتطلع إليه جميعاً سواء كأفراد أو مؤسسات أو جهات.

 هنا يأتي دور المؤسسات الرسمية وتكاثف جهودها مع القطاع الخاص، وإشراك المؤسسات الثقافية والفنية والإعلامية وتفعيل دور المجتمع المدني للوقوف على أسباب تردي المشهد الثقافي، خاصة بعد تدهور أحوال العاملين في القطاع الثقافي وتعطل الكثير من الأعمال بسبب جائحة كورونا.

آن الأوان لنعكس ما دار في أروقة مؤتمراتنا وما كتبته أقلامنا ونطبقه على أرض الواقع، بدءاً من تعزيز مهارات الأجيال الجديدة في هذا المجال، وتشجيع المبادرات الثقافية الشبابية وتسليط الضوء على دور الثقافة والفنون في معالجة القضايا المجتمعية من أجل الإسهام في استدامة العمل الثقافي والمحافظة على الهوية الثقافية العَمانية التي تميزت عبر التاريخ.