الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

جائزة النهضة لمحلية العمل الإنساني والتنموي لعام 2023
خطاب سعادة الدكتورة سوسن المجالي، عضو اللجنة الإدارية لجوناف

مشاركة

السيدات والسادة،

الضيوف الكرام،

الأصدقاء الأعزاء،

بالنيابة عن التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، يسرني ويشرفني أن أرحب بكم اليوم في هذه المناسبة المهمة ألا وهي حفل جائزة النهضة لمحلية العمل الإنساني والتنموي لعام 2023، خاصة في ظل هذا الوضع المؤلم الذي تواجهه منطقتنا، مع مقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني على يد العدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين، حيث خسر أكثر من 130 من زملائنا حياتهم بالإضافة إلى العديد من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية. تشكل الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة تهديدًا قد يؤدي إلى تصعيد وخيم في أنحاء المنطقة بأكملها، إذ تقف المجتمعات في جميع أنحاء العالم على حافة خطوط الانقسام حيال هذه القضية، وتبلغ التوترات نقطة من الغليان قد لا يكون هناك عودة بعدها.

وفي مثل هذه اللحظة المحورية، يغدو من الضروري التمسك بالمبادئ الإنسانية الأساسية، مع التركيز تحديدًا على احترام حياة المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء فلسطين وحمايتها. واليوم نقف معًا كشركاء مرة أخرى في السراء والضراء لنكرر دعوتنا المستمرة إلى وقف دائم لإطلاق النار.

كما نقف اليوم معًا لنؤكد على أهمية محلية العمل الإنساني، خاصة وسط مثل هذه الصراعات والأزمات الأليمة، إذ أثبتت منظمات المجتمع المحلي، مرارًا وتكرارًا، أنها أول المستجيبين لاحتياجات مجتمعاتها وبأنها الجهات الفاعلة الأقدر على ضمان الالتزام بالقيم الإنسانية وأهداف التنمية المستدامة، وبأن لا تكون هذه القيم عرضة للإغفال أو الإهمال، في مواجهة الأزمات خاصة.

تأسس تحالف (جوناف) في عام 2016، ويعمل فيه أعضاء متنوعون من جميع أنحاء الأردن سوية سعيًا منهم إلى تعزيز جهود محلية العمل الإنساني وتمكينها، وتعزيز اللامركزية والاستجابة لحالات الطوارئ والإغاثة، وتفعيل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، كما كان التحالف صوتًا رائدًا للمحلية في الأردن والمنطقة الأوسع كذلك.

فمن الناحية الهيكلية، تكمن أهمية محلية العمل الإنساني بكونها وسيلة معالجة اختلال التوازن في ديناميكيات القوة بين المنظمات الدولية غير الحكومية الأكبر حجمًا، ونظيراتها الوطنية والمحلية الأصغر منها. إن في استطاعة التعاون مع المنظمات الوطنية والمحلية وتعزيز قدراتها، بدلاً من عملها باستقلال عن بعضها، تعزيز كفاءة الجهود الإنسانية إلى جانب دعم مبادرات التنمية الوطنية، بدلاً من عرقلتها.

أطلق تحالف (جوناف) جائزة النهضة لمحلية العمل الإنساني والتنموي في العام 2021، اعترافًا وتقديرًا منه للجهود الكبيرة التي يبذلها الأفراد و/أو المنظمات المتميزة التي تدعم جهود محلية العمل الإنساني وتدافع عنها، ودورها في تطوير منظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة المحلية وتعزيزها، سواء على المستويين المحلي والدولي.

ويتعاون تحالف (جوناف) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ضمن فرص مختلفة لتعزيز عمل التحالف وتوفير الدعم اللازم لتوسيع نطاق تعزيز محلية أجندة اللاجئين في الأردن. تعد شبكة المجتمع المدني للاجئين والنازحين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إحدى مبادرات المفوضية التي نفخر بكوننا جزءًا منها وبمشاركة تفانينا في تمكين اللاجئين والمجتمعات المضيفة لتعزيز قدرتهم على التكيف والاعتماد على الذات من خلالها.

إننا بحاجة الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إلى إعادة التأكيد على التزامنا ببناء الجسور وتعزيز السلام العادل والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وعلى هذا النحو، فعلينا أن نوجه التحية إلى الأبطال الناشئين محليًا وإقليميًا ودوليًا، لدعمهم هذه القيم والتركيز على تحقيق المحلية على مختلف المستويات، ومحاولة تجاوز التحديات، ووضع أجندة المحلية في مركز الاهتمامات، ودعوة مختلف الجهات المعنية إلى إدراك التزاماتها في هذا الصدد.

تعمل هذه الجهات الفاعلة بلا كلل داعية إلى الشراكة العادلة، وتقاسم السلطة وعمليات صنع القرار، وإنهاء التحيز ضد الجهات الفاعلة المحلية، والتخلص من وصفها بأنها مستفيدة لا مفيدة، أو أن احتياجها ماسٌ إلى بناء القدرات من خلال نهج ينطلق من القمة إلى القاعدة فحسب.

وباعتباره أحد النماذج الرائدة وواحدًا من قيادي المحلية العاملين في الأردن، مُنحت جائزة هذا العام إلى دومنيك بارتش، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن؛ وذلك تقديرًا لقيادته المتميزة للمفوضية نحو دعم أكثر فعالية للأردن مع كون هذا الدعم متمتعًا بالمساءلة، وتعزيز قيم محلية العمل الإنساني والدعوة إلى الملكية الوطنية لهذا العمل.

 

لقد عمل دومنيك، وما يزال، ضمن استراتيجية أساسها إدماج الجهات المحلية الفاعلة، مع الدفع تجاه المشاركة الهادفة في أجندات الأعمال الإنسانية الدولية، وقد صرح في إحدى المقابلات التي أجراها بأن:”القائد الجيد هو الذي يجد وحدة الهدف التي تربط الفريق معًا ويعززها، وهي الوحدة التي تجعل الكل أعظم من مجموع أجزائه.”

 

ويصف دومنيك نفسه بأنه “عامل إنساني بالصدفة، إذ تلقى تعليمه ليكون خبيرًا اقتصاديًا في مجال التنمية، لكنه وجد أنه عاجز عن إحداث أي تغيير مباشر في حياة الناس بهذا التخصص”. عند العمل في القطاع الإنساني، يقول دومنيك إنك تعرف بالضبط ما ساهمت فيه، إذ تعلم حينها واقع دعمك تحسين أوضاع مجموعة من الأشخاص الذين هم من بين اللاجئين الأكثر فقرًا.

وقد قال ذات مرة: بالنسبة لقادة العمل الإنساني مثلنا، ثمة توتر وحاجة إلى تحقيق التوازن بين تلبية الاحتياجات الفورية والتعاون مع بقية أسرة الأمم المتحدة. إن الجهات الفاعلة الإنسانية هي من يستجيب لحالات الطوارئ، ومن نواحٍ عديدة، فقد جرت برمجتهم على “المضي قدمًا بمفردهم”، الأمر الذي يمكن أن يكون له عواقب على وكالات الأمم المتحدة وبرامجها الأخرى، ويتعين على قادة العمل الإنساني إدارة هذا التوتر.

جميعنا متفقون على أنه من الأهمية بمكان توضيح حقيقة أنه لا ينبغي للمحلية أن تقتصر على حالات الطوارئ والإغاثة وحسب، بل هي أمر لا غنى عنه للتنمية وتحقيق تأثير مستدام.

مرة أخرى، فإن من دواعي سرورنا في التحالف الوطني (جوناف)، أن نقدر ونكرم جهود السيد دومنيك بارتش والمفوضية، ونهنئه على حصوله على جائزة النهضة لمحلية العمل الإنساني والتنموي لعام 2023، وأغتنم هذه الفرصة لأشكر جميع الشركاء والمانحين والحكومة الأردنية، على جهودهم الجماعية في دعم أجندة محلية العمل الإنساني داخل الأردن وخارجه.