الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

ما بعد الانفصال.. مصلحة الطفل أولاً

مشاركة

من جديد، تعود قضية “مراعاة مصلحة الطفل الفضلى في النزاعات العائلية”، لقرع جميع أجراس الإنذار المجتمعي والقانوني والإنساني؛ بضرورة توفير الحماية والرعاية المثلى لهم، وللأمهات اللواتي يواجهن عنف أسري. وتفتح هذه القضية الباب واسعاً اليوم؛ لمناقشة الآثار السلبية المترتبة على اتساع النزاعات بين الزوجين، أو حدوث الطلاق بينهما، وتأثير ذلك على حياة ومستقبل الأطفال.

هذا الأمر، حدث فعلاً مع السيدة الأردنية رندة (اسم مستعار)، التي اتسعت معاناتها مع زوجها حين تركها في أسوأ ظروف حياتها وحيدة، بعد تعرضها لحادثٍ قديم تسبب لها بعاهة مستديمة وشلل نصفي. حيث تعيش رندة وهي أم لـ (3 أطفال)، حياة الفقر بعد معاناتها مع زوجها كثيراً بسبب وضعها الصحي، ما أثر على علاقتهما الزوجية، لينتهي بها الأمر بعده بالطلاق وإنهاء هذه العلاقة.

من هنا، بدأت رحلة رندة بتحصيل حقوقها وحضانة أطفالها، عبر وحدة المساعدة القانونية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، لتعود بعد 5 سنوات وتجدد مطلب مساعدتها من الوحدة؛ لضمان استمرار الزوج بدفع النفقات، وتكون الحضانة بيد والدتها؛ بعد رغبتها بالزواج من رجل آخر، وعدم قدرتها على إعالة أطفالها بالنفقات البسيطة التي تحصل عليها من طليقها.

سبب رغبتها بالزواج وفقاً لرندة هو “توفير حياة أفضل لأطفالها”، خصوصاً أن ظروف عائلتها المعيشية صعبة ومنزلهم صغير وليس بمقدورهم إعالتها وأطفالها لمدة طويلة، إضافة إلى خسارة والدها لعمله بسبب جائحة كورونا. وكأي، أم، تخشى رندة خسارة اطفالها، خصوصاً أن طليقها غير قادر على حضانتهم بسبب ظروفه المادية الصعبة، لكن، في نهاية الأمر، نجحت المنظمة بانتقال الحضانة ونفقات الأطفال للجدة.

فيما تعكس قضية رندة واقع العديد من الأمهات اللواتي يواجهن مشكلات كبيرة بعد الانفصال عن أزواجهن، وذلك، بالتزامن، مع حدوث 55 حالة طلاق يومي تسجل في المحاكم الشرعية الأردنية، وأكثر من 20 ألف حالة طلاق خلال العام، حسب آخر إحصاءات  نشرتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني. لكن مريم (أسم مستعار)، ذات الجنسية السورية، وأم لطفلين ( فتى 7 سنوات، وفتاة 3 سنوات)، والتي تعرضت للتعنيف النفسي والجسدي على يد زوجها، واستمر ذلك حتى بعد إنجاب أطفالها، لتقرر وأمها وشقيقها وأولادها اللجوء إلى الأردن.

وابتعاد مريم عن ظلم زوجها لم يدم طويلاً، لتصلها، وبعد سنتين، رسالة منه يعلمها فيها أنه مقيم في الأردن، ويعلم مكان تواجدها، وأنه سيأخذ أولادها منها ولن تراهم مرة أخرى. لم تتوقف المشكلة عن هذا الحد، ليبدأ زوجها بسلسة تهديدات، رغم كل محاولات مريم المتكررة بتغيير أرقام هواتفها وعناوين سكنها، حتى لجأ الزوج لرفع قضية ضدها للحصول على حكم زيارة ومشاهدة الطفلين، تزامن ذلك مع تهديد مستمر بسحب الأطفال منها.

لم تتأخر مريم طويلاً باللجوء لمنظمة النهضة (أرض)، والتي بدورها قامت بحمايتها وأطفالها، قانونياً، وتوفير بيئة أسرية آمنة للأم والطفلين، بعيداً عن عنف الأب. وبالفعل، حدث ما كان، واستعادت الأم ثقتها بقوة القانون، واستطاعت الوقوف بوجه زوجها والدفاع عن حقوقها وأطفالها. بالمحصلة، انقلبت حياة الأم رأساً على عقب، ولم يستطع زوجها تهديدها وتخويفها مرة أخرى، وأصبح يرى أطفاله من خلال مركز محدد وبحماية الشرطة، ورغم كل محاولاته بالتأثير على طليقته، إلا أنها لم تعد تسمح له بأن يتمادى عليها أو على أطفالها، كما في السابق.

بين قصتي رندة ومريم، وغيرهن من الأمهات، تتأتى أهمية مراعاة مصلحة الأطفال وعدم تناسيها من قبل بعض الآباء والأمهات، عند انفصالهما، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة حصول الأمهات على حقوقهن بالكامل، وعدم تعرضهن للتهديد أو العنف بكافة أشكاله.

هذه القصص هي جزء من أنشطة مشروع تعزيز بيئة الحماية للأطفال الأردنيين والسوريين والذي ينفذ بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). و يهدف المشروع إلى المساهمة في تعزيز البيئة الوقائية للفتيان والفتيات السوريين والأردنيين المعرضين للخطر بمن فيهم الأطفال من ذوي الإعاقة الذين يعيشون في المجتمعات الأكثر ضعفًا وتضررًا من جائحة كوفيد-19، وذلك من خلال توفير الخدمات القانونية والدعم النقدي لهم.