الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

موقف اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين إزاء الوضع الراهن آخر أحداث فلسطين بكلمات الخبراء

مشاركة

كلمة جابر سليمان، المؤسس المشارك لمركز حقوق اللاجئين (عائدون) في لبنان، وباحث ومستشار مستقل في دراسات اللاجئين.

خَبِر الفلسطينيون في لبنان أكثر من غيرهم من مجتمعات الشتات الفلسطيني تبعات الحروب الإسرائيلية ونتائجها الكارثية على السكان المدنيين، وذلك من خلال الإجتياحات الإسرائيلية المتتالية على لبنان، وأبرزها إجتياح الجنوب اللبناني عام 1978 وغزو لبنان وحصار بيروت عام 1982، وحرب تموز  2006. وهذا ما جعلهم يستشعرون وبعمق حال إخوتهم في غزة جرّاء الحرب الإسرائيلية المدمرة التي فاقت في حدّتها ومداها وتأثيراتها كل ما خبروه من حروب إسرائيلية على لبنان.

وقد إندلعت الحرب على غزة في ظل تواصل الأزمة اللبنانية المركبة، السياسية والإقتصادية والمالية، التي طالت آثارها الكارئية غالبية فئات المجتمع اللبناني، وخاصة الفئات الأكثر حرمانا. بيد أن الأزمة طالت بشكل أخص مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الأكثر هشاشة، وبالتالي الأكثر عرضة لتداعياتها الكارثية، نظراً لما كان يعانيه أصلاً وقبيل إنفجار الأزمة من تهميش وحرمان ومن فقر وبطالة تفاقمت معدلاتهما إلى نحو %70 و%80 على التوالي خلال سنوات الأزمة (2019-2021)، حسب تقديرات المنظمات الدولية.

هذا الوضع المأساوي لم يمنع الفلسطينيين في لبنان قبل إندلاع الحرب على غزة وبعدها من الإنخراط في الهبة الفلسطينية الشاملة في مواجهة مخططات الترحيل والتهجير في حي باب العمود والشيخ جراّح، والتي غطت كامل الجغرافيا الفلسطينية ومجتمعات الشتات كافة. وبحكم تجربتهم النضالية خلال سنوات وجود (م.ت.ف) في لبنان قبل العام 1982، وإنطلاقاً من حسّهم الوطني العالي، عرف الفلسطينيون في لبنان دائماً كيف يرتبون أولوياتهم النضالية وكيف يوائمون بين دورهم في المشروع الوطني الفلسطيني وبين نضالهم اليومي الدؤوب في تحصيل حقوقهم اليومية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، في ظل ما يعانونه من تهميش وحرمان من حقوق الإنسان الأساسية في لبنان.

وضع الفلسطينيون في لبنان أوجاعهم ومعاناتهم المزمنة جانباً وهبوا متحدين في كافة مخيماتهم وتجمعاتهم للإنخراط في فعاليات التضامن والدعم والمساندة التي غطت جميع الأراضي اللبنانية من طرابلس إلى مارون الراس على الحدود اللبنانية مع فلسطين. وكان لسان حالهم يقول: كرامتنا الوطنية قبل الخبز.

وعلى الرغم من إنخراط كافة فئات المجتمع الفلسطيني في تلك الفعاليات إلا ّأن الشابات والشبان كانوا هم الأكثر حضورا، وخاصة في المسيرات التي أمّت الحدود مع فلسطين، وفي وسائل التواصل الإجتماعي والتفاعل مع نظرائهم في فلسطين والشتات. وحتى الأطفال خرجوا من روضاتهم ليقولوا بعفوية لأطفال غزة: نحن معكم، ودمنا هو دمكم المغدور على الأرصفة.

وعلى الصعيد اللبناني، عبرت الأحزاب اللبنانية بمختلف أطيافها السياسية إلى جانب القيادات الروحية والنقابات والإتحادات المهنية ومختلف النخب الفكرية والقانونية والثقافية، فضلاً عن مختلف وسائل الإعلاام المرئي والمسموع، وخاصة المرتبطة بما يسمى ” محور الممانعة ” في لبنان عن تضامن غير مسبوق مع القضية الفلسطينية، على الأقل منذ إنتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، فنحّوا خلافاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية وأجمعوا على موقف واحد في دعم القضية. ووصل هذا التضامن إلى حدّ التنافس بين الأحزاب اللبنانية المتخاصمة في تنظيم مسيرات التضامن إلى الحدود ( حزب الله وتيار المستقبل على سبيل المثال).

وقد كان الموقف الرسمي للدولة اللبنانية برئاساتها الثلاث، رغم خلافاتها الراهنة، متناغما مع حالة التضامن الشعبية هذه، من خلال التأكيد على الموقف اللبناني الرسمي الرافض للتوطين والداعم للحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني المتمثلة في حق العودة وحق تقرير المصير.  

طبعا هذا لم يمنع من سماع بعض الأصوات التي دعت إلى تجنيب لبنان تداعيات هذه الحرب فحذرت من مخاطر إنزلاق بعض القوى اللبنانية، إشارة إلى حزب الله، في الحرب إلى جانب الفلسطينيين، وخاصة بعد إطلاق صواريخ “كاتيوشا”من الجنوب اللبناني إلى مستوطنات الجليل ثلاث مرات خلال الحرب، من دون أن تتبناها أي جهة لبنانية.  كما لم تمنع حالة التضامن هذه من إرتفاع أصوات بعض المثقفين اللبنانين المساندين للشعب الفلسطيني، في نقد تجربة المقاومة المسلحة لحماس والتشكيك في جدواها لصالح المقاومة الشعبية السلمية التي أطلقتها أحداث باب العمود والشيخ جراح.

والجدير ذكره أن تفاعلات ما جرى لا تزال قائمة في لبنان، خاصة في وسائل الإعلام، مواكبة للجدل الفلسطيني الدائر حاليا حول ماذا بعد اليوم التالي لوقف إطلاق النار، وسبل استثمار هذه الحرب في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الإنقسام.