الموقع تحت الإنشاء

النسخة التجريبية من موقع النهضة العربية (أرض)

The Website is Under Construction

This is beta version of ARDD's website

نظام الكوتا النسائية في المنطقة العربية: المنطق، والإيجابيات، والتحديات

مشاركة

شهد حضور المرأة في المجالس التشريعية العربية طفرة ملحوظة منذ بداية القرن الحادي والعشرين، حيث ارتفع بما نسبته 3.5 في المئة فقط في العام 2000[1]، ليصل إلى ذروة بلغت حوالي 18 في المئة خلال العام 2020. ويمكن أن يعزى هذا التقدم إلى تطبيق أنظمة الكوتا والتي تهدف إلى معالجة الاختلالات التاريخية الجندرية من حيث المشاركة السياسية. اكتسب إدخال نظام الكوتا النسائية زخمًا بوصفه استراتيجية تنطلق من قمة الهرم إلى قاعدته سعيًا منها إلى تسريع مشاركة المرأة في المجال السياسي. ولم يُنظر إلى هذه الكوتا باعتبارها آليات لإنفاذ حقوق المرأة فحسب، بل على أنها وسيلة تتبعها الحكومات العربية للتوافق مع معايير “الديمقراطية” الدولية التي حددها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وخاصة في البلدان التي تتلقى دعمًا ماليًا من جهات دولية. ومن الجدير بالذكر أن هذا المنطق الأخير قد أثبت كونه دافعًا قويًا للحكومات العربية الإسلامية المحافظة، ذلك أن المانحين الغربيين[2] ينظرون إلى مثل هذه السياسات على أنها مؤشرات جديرة بالثناء على التحول الديمقراطي الذي تطبقه هذه الحكومات.

وقد تبنت إحدى عشرة دولة من أصل 22 دولة من الأعضاء في جامعة الدول العربية نظام الكوتا النسائية منذ عام 2000.

انظر الجدول أدناه لعام 2010:

البلد نوع الكوتا فترة تبنيها النظام الانتخابي نسبتها في الانتخابات الأخيرة
الجزائر الكوتا في الأحزاب السياسية 2002 قائمة التمثيل النسبي 8%
جيبوتي مقاعد محجوزة 2002 تصويت كتلة الحزب 14%
مصر مقاعد محجوزة (1986-1979)

2009

نظام جولتين 2%
العراق كوتا نسب الترشيح القانوني 2004 قائمة التمثيل النسبي 26%
الأردن مقاعد 2003 صوت واحد غير قابل للتحويل 12%
موريتانيا الترشيح القانوني 2006 قائمة التمثيل النسبي 22%
المغرب الأحزاب السياسية 2002 قائمة التمثيل النسبي 10.8%
فلسطين الترشيح القانوني 2002 موازي 13%
الصومال مقاعد محجوزة 2004 فقط بعد الانتخابات 8%
سودان مقاعد محجوزة (1984-1973)
2005
فقط بعد الانتخابات 25%
تونس الأحزاب السياسية 2004 موازي 28%
وقد سبق لكل من السودان ومصر تطبيق نظام الحصص للفترات الزمنية المشار إليها بين قوسين.

قاعدة البيانات العالمية للمرأة (2010)

بلغ متوسط عدد ​​النساء في البرلمانات الوطنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول تموز يوليو 2023[3] ما نسبته 17.7% توزعت بنسبة 18.1% في الشرق الأوسط، و17.1% في شمال أفريقيا.

غالبًا ما تدعم المنظمات النسائية الشعبية أيضًا نظام الكوتا إذ ترى فيه آلية لزيادة التمثيل النسائي وإضفاء الطابع المؤسسي عليه. ومع ذلك، تقاوم النسويات العلمانيات والإسلاميون أيضًا تطبيق نظام الكوتا، فتنتقد المجموعة الأولى الطبيعة السطحية لهذه السياسة، في حين تثير المجموعة الثانية مخاوف بشأن الظلم الملحوظ في نظام الكوتا والذي ينحاز لصالح مجموعة معينة، لا سيما عندما تمثل هذه المجموعة النساء. ونتيجة لذلك، تظهر هذه السياسة في كثير من الأحيان بوصفها قرارًا يقر من قمة هرم السلطة إلى أسفله بحيث ييسره النظام، ويشار إليه عادة باسم “نسوية الدولة”، بدلاً من أن يأتي استجابة لضغوط اجتماعية حقيقية. وعلى الرغم من المعارضة الأولية التي يواجهها، فإن اعتماد الكوتا يؤدي في كثير من الأحيان إلى استفادة الأحزاب الإسلامية منها لتحقيق المزيد من التمثيل في الهيئات التشريعية. ومن الجدير بالذكر أن عدة حالات مثل جبهة العمل الإسلامي الأردنية وحزب العدالة والتنمية المغربي قد أثبتت استخدام الأحزاب الإسلامية لنظام الكوتا بنجاح. علاوة على ذلك، وفي العراق، فُرض نظام الكوتا مؤسسيًا من قبل الجهات الفاعلة الدولية. في الواقع، يضم العالم العربي ثلاث فئات متميزة من الكوتا وهي: حصص الأحزاب السياسية، وحصص المرشحين القانونيين، والمقاعد المحجوزة لهن. [4]

 

وعلى وجه الخصوص، وفيما يتعلق بالوضع في الأردن، يحتل نظام الكوتا المرتبة الثالثة في العالم العربي والمرتبة 110 عالميًا على مؤشر قوة المرأة الذي وضعه مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، الأمر الذي يشير إلى وجود تحدٍ من حيث تحقيق العدالة الجندرية. ومع حصول الأردن على درجة تكافؤ سياسي تبلغ 22 من أصل 100 وفقًا لتقرير مجلس العلاقات الخارجية الصادر في حزيران 2023، تعد مشاركة المرأة السياسية في الأردن ضئيلة. أما من حيث التمثيل، تشارك 17% فقط من النساء في مجلس الوزراء، و13% في هيئات التشريع، و32% في هيئات الحكم المحلي. ويؤكد تقرير الأمم المتحدة “المرأة في السياسة” أن المقاعد البرلمانية النسائية تشكل 12.3% من مجلس النواب في الأردن، أي  16 من أصل 130 عضوًا فيه[5]. علاوة على ذلك، تكشف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن الكوتا المخصصة لهيئات صنع القرار عززت من وجود المرأة في البرلمان والمجالس المحلية، ما أدى إلى استفادة النساء في الريف الباحثات عن المشاركة السياسية من هذا النظام.

 

مزايا نظام الكوتا وإيجابياته:

  • تسريع مشاركة المرأة. توفر الكوتا النسائية مسارًا عمليًا لتسريع تمثيل المرأة في المجالات السياسية، إذ إنها تخلق آلية مؤقتة للعمل الإيجابي تساعد النساء في التغلب على الحواجز النظامية التي أعاقت مشاركتهن السياسية على مر التاريخ.
  • تغيير الأعراف السلبية السائدة. يتحدى تطبيق نظام الكوتا الأعراف والتحيزات المجتمعية التي أدت إلى استمرار نقص تمثيل المرأة سياسيًا. ومن خلال وضع المرأة في الأدوار القيادية، تساهم الكوتا في تغيير النظرة إلى قدرات المرأة ومكانتها الصحيحة في عمليات صنع القرار، والاعتراف بالدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه في تنمية البلدان اقتصاديًا، وسياسيًا واجتماعيًا.
  • تعزيز أولويات السياسات. تشير الدراسات إلى أن المشرعات من النساء غالبًا ما يمنحن الأولوية لسياسات الرعاية الاجتماعية التي تركز على التعليم، والصحة والعدالة الجندرية. ولذا، يسهم وجود المرأة في الهيئات التشريعية في وضع أجندات سياسية أكثر شمولًا واستيعابًا تعالج الاحتياجات المجتمعية المتنوعة.

عيوب نظام الكوتا وتحدياته:

  • الجدارة. ويرى المنتقدون لنظام الكوتا أنه يمكن له أن يضر بالجدارة من خلال إعطاء الأولوية للجنس على حساب المؤهلات. وهذا التصور يمكن أن يقوض شرعية النساء اللاتي يتم تعيينهن من خلال الكوتا، الأمر الذي يؤدي إلى مخاوف بشأن مدى فعاليتهن في أدوار صناعة القرار.
  • قضايا الشرعية. قد يشعر بعض الناخبين أن التعيينات على أساس الكوتا لا تتماشى مع تفضيلاتهم، الأمر الذي قد يقلل من ثقة الجمهور في العملية السياسية وشرعية الممثلين المنتخبين.
  • المؤهل. ثمة قلق من افتقار المرشحين الذين يتم اختيارهم من خلال نظام الكوتا أحيانًا إلى المؤهلات والخبرة التي تتطلبها أدوارهم، ما قد يؤثر على جودة الإدارة التي يتولونها.
  • التغيير المستدام. ويرى المنتقدون أن نظام الكوتا وحده قد لا يضمن حدوث تغيير جوهري طويل الأمد في المواقف المجتمعية والحواجز الهيكلية. ولضمان حصول التحول الدائم، فمن الواجب بذل عدة جهود لمعالجة التحيزات والأعراف الجندرية المتجذرة [6].

لقد برز نظام الكوتا بوصفه أداة محورية في معالجة الفجوات الجندرية داخل المجالس التشريعية العربية، إذ يساعد عمليًا على التغلب على الحواجز الاجتماعية والثقافية التي واجهتها المرأة خلال العقود الماضية في العالم العربي. وعلى الرغم من وضوح المزايا التي يتمتع بها نظام الكوتا، مثل تسريع تمثيل المرأة وتغيير المفاهيم الجندرية السلبية، إلا أنه لا بد من الاعتراف بالتحديات والعيوب التي تعتريه مثل تصورات الشرعية، والحفاظ على الجدارة والكفاءة والتعامل معها. ومع ذلك، تظل الكوتا أداة حاسمة في تعزيز حضور المرأة في عملية صنع القرار في جميع أنحاء المنطقة. ولتعظيم تأثيرها، ينبغي تركيز الجهود لا على تنفيذ السياسات وحسب، بل على تغيير المواقف والأعراف المجتمعية السلبية أيضًا وذلك لضمان التقدم المستدام في مشاركة المرأة السياسية. ويتوقف نجاح الكوتا على تنفيذها الفعال، وهو ما يتطلب نهجًا متعدد الأوجه يعالج الحواجز الهيكلية والثقافية.

 

[1] حقوق المرأة و”نسوية الدولة” في العالم العربي. رولا الحسيني. 16 حزيران يونيو، 2023. https://arabcenterdc.org/resource/womens-rights-and-state-feminism-in-the-arab-world/

[2] الاستخدام الاستراتيجي للحصص بين الجنسين في العالم العربي، بوزينا كريسينا ويلبورن، زميلة أبحاث هايبل، جامعة كولورادو.

[3]  قاعدة بيانات المتوسطات الإقليمية للاتحاد البرلماني الدولي، تموز يوليو 2023 https://data.ipu.org/women-averages?month=7&year=2023

[4] تشير حصص الأحزاب السياسية إلى التدابير التي يُطلب فيها من الأحزاب السياسية إدراج نسبة معينة من النساء كمرشحات في قوائمها الانتخابية. تستلزم حصص المرشحين القانونية تفويضات قانونية تحدد نسبة دنيا من المرشحات اللاتي يجب إدراجهن في القائمة الشاملة للأفراد الذين يتنافسون في الانتخابات. المقاعد المحجوزة تنطوي على تخصيص عدد أو نسبة محددة من المقاعد التشريعية للنساء حصراً.

[5] “المرأة في السياسة: 2023″، الاتحاد البرلماني الدولي، 2023،

https://www.ipu.org/resources/publications/infographics/2023-03/women-in-politics-2023

[6] لماذا تعتبر الحصص بين الجنسين ضرورية في العالم العربي؟ أسماء إبراهيم عبد الملك، 16 أبريل 2018. https://www.arabnews.com/node/1285631