تسلّط هذه الورقة الضوء على التحديات والفرص المتاحة لمحاكمة قادة دولة الاحتلال بعد صدور قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية (”المحكمة”) بتاريخ 5 شباط/فبراير 2021، بشأن طلب المدعية العامة من الدائرة التمهيدية الأولى فيما يتعلق بنطاق الاختصاص الإقليمي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي قضى بالأغلبية بأن الاختصاص الإقليمي للمحكمة بالنسبة للحالة في فلسطين، والتي هي دولة طرفٍ في نظام روما الأساسي، هو اختصاص يشمل الأراضي التي يحتلها الكيان الإسرائيلي منذ عام 1967، لاسيما غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
كما تطرح السياقات العامة التي تحيط بفضاءات إصدار هذا القرار، والتوقعات والتخوفات المطروحة حيال سير مجريات التحقيق بشأن إمكانية اقتصار التحقيقات على الفلسطينيين في ظل امتداد ولاية المحكمة على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، لاسيما الإمكانية المتوفرة لاستخدام دولة الاحتلال للدفوع بعدم المقبولية سنداً للمادتين 17 و19 من نظام روما الأساسي، وما هو المطلوب فلسطينياً لمواجهة ذلك.
تقسّم هذه الورقة إلى قسمين رئيسيين، يتناول الأول السياق العام والإطار القانوني للحالة الفلسطينية أمام المحكمة الجنائية الدولية، بما يشمل السياق التاريخي للعلاقة بين دولة فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية وتحليل حيثيات قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، ودلالات ومؤثرات ترتبط بتوقيت صدور الحكم بالولاية الزمنية والجغرافية لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية في الحالة الفلسطينية، وطبيعة الولاية الفردية للمحكمة على الأشخاص المشتبه بارتكابهم جرائم تدخل في نطاق اختصاص المسؤولية الجنائية في محاكمة الأشخاص الطبيعيين وعناصر المسؤولية الجنائية للأفراد، بينما يتناول القسم الثاني المطلوب فلسطينياً لمحاكمة الاحتلال لا المقاومة، لاسيما ما يتعلق بالدفع بعدم المقبولية سنداً للمادة 17 بدلالة المادة 19 من النظام (مبدأ التكامل).
كما تضمنت الورقة عدداً من التوصيات المهمة للقيادة الفلسطينية في المقام الأول، للتحضير الفعال لمحاكمة الاحتلال ودفاعه المتوقع لعدم قبول الحكم بناء على أسباب عدة. حيث أن التحضير الجاد والقوي لتقديم القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية يجب أن يشمل عدداً من الإجراءات، مثل:
· تشكيل فريق من المحامين والمحللين الدوليين لمساعدة السلطة الفلسطينية في الإجراءات.
· توحيد القضاء الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإجراء تحقيقات فعالة في المزاعم الفلسطينية حول الجناة.
· دعم منظمات حقوق الإنسان، وخاصة في الضفة الغربية وغزة، لتأمين التوثيق الفني للجرائم الإسرائيلية.
· تشكيل فريق رسمي من النيابة العامة يضم وزارة الخارجية ووزارة العدل، والسماح للأفراد بتقديم شكاوى ضد الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
· تحضير قائمة بالقادة والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين المشتبه بهم لمحاكمتهم.
· بناء ملفات تحقيق للضحايا لتقديم الشكاوى.
· إنشاء أرشيف وطني لضحايا الجرائم التي تم ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه العسكري المتكرر، فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني والتهجير القسري.
· توسيع الجهود الدولية والمحلية ذات الصلة والاستفادة منها لدعم المسار الفلسطيني إلى العدالة والمساءلة وتعبئة الخبرات ذات الصلة، بما في ذلك الفلسطينيين في الشتات.
تعرب المنظمة عن امتنانها للدكتور أحمد الأشقر لإعداد هذه الورقة، وللدكتور أنيس قاسم لمشاركته في الجلسة ولمراجعته الهامة قبل النشر.