في العام 2006، أصدرت الأمم المتحدة إستراتيجيتها العالمية لمكافحة الإرهاب (UN GCTS) التي تتناول الظروف المؤدية إلى انتشاره، وتُقدّم تدابير بناء قدرات الدول في الوقاية من الإرهاب ومكافحته، وتقترح أساليب ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون باعتبارها أساساً لمكافحة الإرهاب (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 60/288، 2006). خلال المراجعة السادسة للإستراتيجية والتي تجري كل عامين (وقد تمت المراجعة المذكورة في عام 2018)، دعت الإستراتيجية إلى زيادة إشراك المرأة ومنظمات المجتمع المدني في صنع السياسات وإعداد البرامج في هذه المنطقة. يؤيد هذا الالتزام أهمية أجندة المرأة والسلام والأمن (WPS) التي تتجلّى بشكل أفضل في قرار الأمم المتحدة رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن لعام 2000 والذي “يؤكد مجدداً على الدور الهام للمرأة في الوقاية من الصراعات وحلها، ومفاوضات السلام وبنائه وحفظه، والاستجابة الإنسانية وإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع، ويشدد على أهمية مساهمتها المتكافئة ومشاركتها الكاملة في جميع الجهود الرامية إلى حفظ السلام والأمن وتعزيزهما” (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2000).
تؤكد منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في الوقاية من التطرف العنيف. في كثير من الأحيان، يُنظر إلى المرأة بوصفها ضحية الأيديولوجيات المتطرفة أو كمساهمة فيها. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه وعندما تنشط النساء كعناصر فاعلة في الفكر المتطرف فإن ذلك ينتج عن كونهن، في العادة، ضحايا بيئة تهمشهن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. نُركّز في منظمة النهضة العربية (أرض) على تعزيز دور المرأة في الوقاية من التطرف العنيف في الأردن على وجه الخصوص وفي المنطقة عامة ككل. إضافة إلى ما سبق، ثمة اعتراف متزايد بين الجهات الفاعلة في المجتمع المدني يفيد بأن من الواجب ألا تكون مشاركة المرأة في الوقاية من التطرف العنيف جزءاً من إستراتيجيات مكافحة الإرهاب، بل ضمن جدول أعمال السلم المدني. في وقتنا هذا، تقف النساء في الخطوط الأمامية لمواجهة التطرف العنيف في الأردن بصفتهن أمهات، وضابطات شرطة وعسكرية وغير ذلك.
وفي حين تكمّل أجندة المرأة والسلام والأمن وإستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب بعضهما بطبيعتهما، ففي الحين الذي تقدم إستراتيجية مكافحة الإرهاب أساليب الوقاية من التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب، تؤكد أجندة المرأة والسلام والأمن على الدور الذي تلعبه المرأة في هذا النهج. كما تدعو إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب إلى مشاركة المرأة في القطاع العسكري، الأمر الذي يندرج في إطار نهج “بناء الأمة”، وهو نموذج تنازلي ينطلق من القمة إلى القاعدة ويأتي مكمّلاً لإستراتيجية عسكرية أو مؤمنّة خُصصت لمكافحة الإرهاب (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2015)
لمنظمة النهضة العربية (أرض)، كغيرها من منظمات المجتمع المدني، تحفظاتها حيال هذا النهج، إذ ثبت في بلاد كالعراق وأفغانستان على سبيل المثال، أن هذه الإستراتيجيات لا تأخذ في اعتبارها السياق المحلي للبلد بشكل فعال فضلاً عن إخفاقها في تحقيق أهدافها. واستناداً إلى تجربة منظمة النهضة العربية (أرض)، فإنه من الصعب إشراك منظمات المجتمع المدني في أعمال الوقاية من التطرف العنيف التي حددت إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب تدابيره. من المفارقة في هذا الشأن أنه على الرغم من غياب الفرق الواضح بين أجندة الوقاية من التطرف العنيف وأجندة المرأة والسلام والأمن، فإنه من الأسهل على منظمات المجتمع المدني الانخراط في عمل المرأة والسلام والأمن وذلك لاقتصار المشاركة فيه على مستوى القاعدة الشعبية دون الحاجة إلى المشاركة في عملية بناء السلام وإدارة الصراع السياسي.