بقلم فوستين ماغوين ديسفورج
في 28 آب/أغسطس 2025، صوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) للمرة الأخيرة، وذلك حتى نهاية عام 2026. كما دعا المجلس إلى “انسحاب منظم وآمن” في عام 2027. وعلى الرغم من أنّ مهمة الأمم المتحدة كان لها أثر إيجابي على السكان المحليين وساعدت لبنان في استعادة السيطرة على أراضيه، إلا أنّ هذا القرار، الذي تأثر بشكل كبير بمواقف الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، والتي اعتبرت أنّ اليونيفيل لم تبذل الجهد الكافي لدعم الجيش اللبناني في تفكيك حزب الله في المنطقة—وهي مهمة لم تكن يوماً جزءاً مباشراً من ولايتها. وسيُنهي هذا الانسحاب نحو 50 عاماً من الوجود الأممي، الذي لعبت فيه القوات الأممية دوراً محورياً في الحفاظ على السلام والأمن في جنوب لبنان.
ما هي اليونيفيل؟
تأسست اليونيفيل عام 1978 لتنسيق انسحاب الجيش الإسرائيلي الذي كان قد اجتاح لبنان حينها. وتم تمديد ولايتها مع اجتياح إسرائيل للبنان مرة ثانية عام 1982، واحتلالها الجنوب حتى عام 2000، ثم مجدداً في 2006 و2024. وقد عمل حوالي 10,800 جندي حفظ سلام كجسم عازل بين إسرائيل ولبنان. أوكلت إلى اليونيفيل مهمة مراقبة المنطقة بأكملها والإبلاغ عن الانتهاكات لقرار مجلس الأمن 1701. يشمل ذلك “مراقبة وقف الأعمال العدائية”، وضمان انسحاب إسرائيل من لبنان من خلال احترام “الخط الأزرق” باعتباره بمثابة خط حدودي فعلي، ودعم لبنان في استعادة سلطة الدولة. كما وسّع القرار 1701 الولاية ليشمل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان اللبنانيين وتسهيل عودة النازحين. وحماية المدنيين جزء أساسي من الولاية، حيث تقوم اليونيفيل بدوريات لضمان أمن المدنيين أثناء تشييع الجنائز أو مواسم الحصاد، كما تكلّف أيضاً بتقديم المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات.
ما هو الوضع الحالي في المناطق الخاضعة لمراقبة اليونيفيل؟
تعرّض لبنان بشكل منتظم لهجمات عسكرية إسرائيلية وانتهاكات للأجواء من خلال طلعات استطلاعية، حتى قبل تشرين الأول/أكتوبر 2023. وحالياً، ما زال القوات الإسرائيلية تحتل خمسة مواقع من الأراضي اللبنانية رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وقد نزح نحو 93 ألف شخص وقُتل 4,000 مدني لبناني. قبل وقف إطلاق النار، استهدفت إسرائيل مواقع اليونيفيل ما لا يقل عن ثماني مرات، بين أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2024، مما أدى إلى إصابة ستة جنود حفظ سلام في غارة إسرائيلية قتلت ثلاثة مدنيين لبنانيين. ويُفترض أن هذه الأفعال الترهيبية كانت تهدف إلى تمكين الجيش الإسرائيلي من التقدّم في الأراضي اللبنانية بحرية أكبر. حتى بعد وقف إطلاق النار، استهدفت قوات الاحتلال مقر اليونيفيل، كما أُلقيت قنابل صوتية قرب وحدة تابعة لليونيفيل في 2 أيلول/سبتمبر 2025.
ما هي تبعات انسحاب اليونيفيل؟
ستكون لانسحاب اليونيفيل تداعيات متعددة. أولها غياب جهة مراقبة دولية توفر فهماً أكثر حياداً وشمولية للأحداث الجارية في جنوب لبنان. غياب المراقبة يعني مزيداً من الحرية في خرق القرار 1701، مما قد يؤدي إلى مزيد من العمليات العسكرية الإسرائيلية الأحادية، وبالتالي إلى التصعيد. كما أنّ تقليص دور اليونيفيل يعني تراجع الدعم المقدم للمدنيين اللبنانيين، وصعوبة أكبر في الحصول على المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات، بالإضافة إلى خسارة أعمال التنمية والبنى التحتية في أوقات السلم.
التوصيات
لقد لعبت اليونيفيل دوراً محورياً في التفاوض والوساطة وبناء السلام، وهي عناصر أساسية لتحقيق سلام دائم. إن إزالة اليونيفيل، كجسم دولي مراقب، سيترك فراغاً يسمح بوقوع الانتهاكات دون رادع، وبلا محاسبة، مما يعرّض حياة الأبرياء للخطر. كما أنّ تداعيات انسحاب اليونيفيل تهدد المساعدات الإنسانية، وتجعل الإخفاق في حماية الفئات الضعيفة أمراً غير مبرَّر على الإطلاق.
علينا أن ندعو إلى استمرار الانخراط الدولي من أجل حماية السلام والأمن في المنطقة، مع إعادة التأكيد على ضرورة الانسحاب الكامل لإسرائيل من لبنان، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
الهوامش:
[1] قرار مجلس الأمن 1701: https://undocs.org/en/S/RES/1701(2006)
[2] اتفاق وقف إطلاق النار – 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024: https://peacemaker.un.org/lebanon-ceasefire2024
[3] وثائق الأمم المتحدة وتقارير اليونيفيل الرسمية: https://unifil.unmissions.org/