في ضوء البيان الصادر مؤخرًا عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بمناسبة مرور عامين على أحداث السابع من أكتوبر، وجّهت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) – والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومي (جوناف) ، رسالة إلى المديرة التنفيذية لليونيسف، السيدة كاثرين راسل.
أكدت الرسالة على أهمية الحفاظ على التوازن والإنصاف والاتساق في الخطاب الإنساني، وحثّت منظمة اليونيسف على ضمان أن يُعترف بجميع الأطفال وتُكفل حمايتهم على قدم المساواة، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو موقعهم الجغرافي.
كما أبرزت الرسالة إيمان كلٍّ من منظمة النهضة (أرض) التحالف الوطني الأردني (جوناف) بأن مصداقية العمل الإنساني لا تقوم فقط على المبادئ، بل أيضًا على الإحساس بالحياد والتعاطف، وأن الحِداد على جميع الأطفال بالتساوي هو جوهر رسالة العدالة والإنسانية.
أدناه نص الرسالة الموجهة إلى المديرة التنفيذية لليونيسف:
السيدة كاثرين راسل
المديرة التنفيذية
مقر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية
أكتب إليكم بالنيابة عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وهي منظمة أردنية تتولى تنسيق التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)، وهو شبكة تجمع منظمات المجتمع المدني الوطنية الملتزمة بالدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة والكرامة للجميع.
نُقِدّر بيان اليونيسف الأخير الذي صدر بمناسبة مرور عامين على أحداث السابع من أكتوبر، والذي أدان بحقٍّ العنف ضد الأطفال والمجتمعات، وأكد من جديد أن لكل طفل الحق في الأمان والحماية.
ومع ذلك، فقد أثار هذا البيان في العالم العربي شعورًا بعدم الارتياح وقلقًا عميقًا، ليس لأن الناس يرفضون المبدأ العالمي في الدفاع عن حقوق الأطفال، بل لأن الرسالة بدت انتقائية.
إذ سمّى البيان جهة فاعلة واحدة ومجموعة واحدة من الضحايا، متجاهلًا الإشارة إلى الإبادة الجماعية والمعاناة والفقدان المروّع الذي يعيشه الأطفال الفلسطينيون، ما يُهدد بتقويض الحياد والمصداقية الأخلاقية التي تستمد منها المؤسسات الإنسانية شرعيتها.
الأمر المؤلم، لأن اليونيسف كانت ولا تزال من أقوى وأشد المدافعين عن الأطفال في غزة، إذ وثّقت بشجاعة الآثار الكارثية للحرب، ودعت إلى وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وعندما لا ينعكس هذا الموقف الإنساني في الرسائل والبيانات العالمية للمنظمة، ينشأ شعور بالتناقض ويضعف الثقة التي تضعها المجتمعات في اليونيسف ورسالتها المحايدة.
في السياقات المنقسمة بشدة، يجب أن تُشعَر الحيادية، لا أن تُعلَن فقط. فمصداقية العمل الإنساني تعتمد ليس فقط على المبادئ، بل أيضًا على الإحساس بالعدالة والتعاطف، وعلى الشجاعة في الحِداد على جميع الأطفال بالتساوي، بغض النظر عن جنسيتهم أو أصلهم أو موقعهم الجغرافي.
لذلك، نطالب اليونيسف على ضمان أن تعكس جميع بياناتها العامة المستقبلية، ولا سيما تلك التي تتناول أحداث العنف والخسارة، رسالتها الإنسانية الشاملة: صون حقوق كل طفل وحمايته وكرامته دون استثناء أو انتقائية.
فإن هذا الاتساق سيُعزّز مكانة اليونيسف كصوتٍ أخلاقي عالمي ووكيلٍ موثوقٍ للدفاع عن الأطفال في كل مكان.
مع خالص الاحترام والتقدير لجهود اليونيسف الدؤوبة في حماية الأطفال في المنطقة وخارجها،
المخلصة لكم،
سمر محارب
المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)
ومنسق التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف)