تدين منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) الهجمات العشوائية ضد المدنيين الفلسطينيين، وقصف المستشفيات، والمناطق السكنية، والمساجد والمدارس في قطاع غزة، إذ ليست مثل هذه الأفعال غير قانونية فحسب، بل إنها ترقى أيضًا إلى كونها جرائم حرب تتوجب محاسبتها كما ينبغي.
وما العنف والخسائر الفادحة في الأرواح والتي شهدناها منذ يوم السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلا نتيجة أكثر من سبعة عقود من السياسات الاستعمارية الإسرائيلية، بما في ذلك التطهير العرقي، وسرقة الأراضي، والعنف الذي يمارسه المستوطنون وجنود الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. وقد أدت هذه السياسات إلى مقتل المئات، وإصابة الآلاف واعتقالهم، ومداهمات الأماكن المقدسة، وفرض قيود على الأماكن المدنية والتعليمية، وجميعها تسعى إلى محو الفلسطينيين والهوية الفلسطينية من فلسطين. يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بما نسبته 75% من اللاجئين الذين يتوقون للعودة إلى ديارهم منذ أكثر من سبعة عقود، من حصار دام 16 عامًا، الأمر الذي يحرمهم من الوصول إلى المياه النظيفة، وحرية الحركة والتنقل، وسبل العيش وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والوصول إلى الخدمات والمرافق الصحية. وفي الوقت نفسه، فإن ثمة أكثر من تسعة ملايين لاجئ فلسطيني حول العالم، وهم عاجزون عن العودة إلى وطن أجدادهم.
وفي خضم ضوضاء العنف الهيكلي الإسرائيلي الذي توقعه الطائرات من دون طيار، والغارات الجوية، والجرافات على الشعب الفلسطيني، تسيء مواقف المؤسسات الدولية ورواياتها المشوهة إلى جميع الشعوب والمجتمعات حول العالم التي تناضل من أجل العدالة تبعًا للنظام الدولي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.
وعليه، فإننا نستنكر العنف المعرفي الموجه ضد الفلسطينيين -من خلال الخطاب الخارج عن السياق والتاريخ، والمعلومات الكاذبة، والروايات الملتوية، والتحريفات الاستشراقية الخاطئة، والقوالب النمطية السطحية التي تسعى لإسكات أصوات الفلسطينيين، وهي استراتيجية قمعية أخرى تُطبق على الفلسطينيين من خلال تزوير المعرفة بالتواطؤ مع وسائل الإعلام الدولية والمؤسسات السياسية.
أمر مخزٍ أن تواصل الجهات الدولية الفاعلة دعم الجرائم الإسرائيلية الاستعمارية ورفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين القابعين تحت الاستعمار في تقرير مصيرهم ومقاومة هذا القمع. يشير هذا التنافر المعرفي بين واقع القضية الفلسطينية التاريخي والاستجابة الدولية لها (أو الافتقار إليها بالأحرى)، إلى ديناميكيات القوة غير المتكافئة المستمرة والعنصرية السائدة التي تحكم النظام الدولي.
ومع اندهاشنا من ضمانات الدعم العسكري المستمر للاحتلال الإسرائيلي، والذي يزيد من ترسيخ قمعها ومذابحها للفلسطينيين، ندين كذلك نداءات الممثلين الدوليين بتعليق الدعم الإنساني للفلسطينيين، فهم لا يواجهون هجمات وتفجيرات عسكرية غير متناسبة فحسب، بل يتعرضون أيضًا للتهديد بممارسات الإبادة الجماعية بسبب قرار الاحتلال الإسرائيلي بقطع جميع إمدادات المياه، والغذاء والطاقة. من جانب آخر، تؤكد هذه السياسات والممارسات تواطؤ الغرب مع الجرائم الإسرائيلية ودعمه المشروع الإسرائيلي الخاص بالاستعمار الاستيطاني في فلسطين.
ليست هذه السياسات والسرديات الدولية إلا تذكيرًا بأن إنهاء الاستعمار لم يكتمل أبدًا، لا بالنسبة للفلسطينيين فحسب، ولكن داخل المجتمعات الغربية كذلك، فحقوق المضطهدين ما تزال محصورة في الفهم والإطار القائلين بأن هذه الحقوق مسألة امتياز لا تليق بمصالح الاستعمار والمستعمر.
وفي هذا السياق، تمثل كرامة الشعب الفلسطيني وقدرته على تقويض ديناميكيات الاستعمار القمعية المفروضة عليه بالعنف لأكثر من سبعة عقود مثالاً يحتذى به للعالم أجمع، وتبقى دعوة صريحة إلى تحقيق العدالة الحقيقية والمساواة لجميع الناس.
وتبعا لما سبق، فإننا نحث المجتمع الدولي على:
- ضمان الحماية للفلسطينيين الذين يتعرضون للهجوم والضغوط، ووقف العنف الموجه ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية.
- التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل التحرر والتمسك الكامل بالمسؤوليات الدولية في تحقيق إنهاء الاستعمار.
- معالجة أسباب العنف الجذرية بما يتماشى مع التاريخ، والعدالة والإنسانية.
- ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
علاوة على ذلك، فإننا نشارك موقف الأردن وقلقه بشأن التداعيات الإقليمية، ونضم صوتنا إلى دعوته للاستثمار في الجهود الدبلوماسية لمنع حصول المزيد من التصعيد، وضمان حماية الأماكن المقدسة في فلسطين.