راشد (اسم مستعار) فتى سوداني نبيه وذكي، لكنه خجول، لدرجة أن تفاعله مع الأطفال الآخرين كان يجعله قلقاً. ومع ذلك؛ تغير كل شيء عندما انضم إلى أنشطة مشروع “الاستثمار في المستقبل”، وخاصة دورات اللغة الإنجليزية التي تهدف إلى مساعدة الأطفال على تطوير مهاراتهم الاجتماعية، وتعزيز احترامهم لذاتهم، وتشجيع التعبير الإبداعي لديهم.
في كانون الأول/ديسمبر 2022، قامت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بدعوة والدي راشد اللذان يسكنا في العاصمة عمان لحضور تدريب على المهارات الوالدية. خلال التدريب؛ اكتسب والدا الطفل خلال التدريب المهارات والمعرفة التي ساعدتهما على التعرف على حاجة طفلهم للنمو الشخصي، وبدأوا في البحث عن فرصة تشكل حياته بطريقة طبيعية. لكن بسبب التحديات المالية؛ لم يتمكنوا من العثور على أي فرصة يمكنهم تحمل أعبائها المالية. لذلك؛ عندما تم اختيار راشد للانضمام إلى دورات اللغة الإنجليزية والفنون، كانوا سعداء للغاية لإتاحة هذه الفرصة أمامهما.
في اليوم الأول من الدورة التدريبية، كان الطفل متوتراً وشعر بالإهمال خلال الجلسة فرغم الترحيب الحار من المدربة، لم يتفاعل راشد مع أي شخص، وتمسك بوالدته بشدة، بسبب تردده وقلقه من المشاركة. إلا أن البيئة الآمنة والشاملة التي وفرها المشروع لراشد ليكون قادراً على إطلاق العنان لمواهبه والتعبير عن نفسه، وبعد خمس جلسات وبدعم من مدربة الفنون التي أدركت إمكاناته وقدمت له التشجيع والدعم، بدأ يشعر بالانتماء لأول مرة منذ بداية التدريب.
تضمنت دورة الفنون على أنشطة مختلفة لتحفيز خيال الأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ومهارات الاتصال لديهم. شارك الأطفال خلالها في أنشطة الرسم والدراما والمسرح والموسيقا والغناء. بالإضافة إلى ذلك؛ تضمنت الدورة جلسات تفاعلية مع الدمى، زادت من قدرة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، حيث شجع كل نشاط، الأطفال، على الخروج من “مناطق الراحة” الخاصة بهم والتفاعل مع أقرانهم.
كمحصلة؛ وأثناء جلسة الرسم، قرر راشد رسم صورة لبطله الخارق المفضل. صب عواطفه على الورق، معبراً عن أحلامه وتطلعاته. وبفخر قدم الطفل عمله الفني إلى مجموعة الأطفال، وقد أعجب زملائه في الدورة بموهبته، وشارك الأطفال قصص أبطالهم واكتشفوا الاهتمامات المشتركة لديهم.
زادت ثقة راشد بنفسه طوال مدة الدورات التدريبية، التي بدأت بدورة الفنون وانتهت بدورة اللغة الإنجليزية، وبدأ يشارك بنشاط في المناقشات الجماعية، وعرض أفكاره وآرائه على مجموعة الأطفال الذين يحضرون نفس الدورة. وجد الصبي الذي كان خجولاً صوته وأدرك قوة أفكاره. أعجب الأطفال الآخرون بمنظوره الفريد، واستمعوا بلهفة إلى ما سيقوله.
بحلول نهاية دورة اللغة الإنجليزية في حزيران/يونيو 2023، حصل لراشد تحول ملحوظ، فقد تم استبدال سلوكه الخجول بسلوك واثق، وقد شكل روابط قوية مع أقرانه. لم يعد يشعر بالوحدة أو الإقصاء، بل ازدهر في المواقف الاجتماعية، وشارك بحماس في الأنشطة الجماعية، وتكوين صداقات جديدة.
لم تؤد دورات الفنون واللغة الإنجليزية إلى إطلاق العنان لإمكانات راشد الإبداعية فحسب؛ بل مكنته أيضًاً من التغلب على خجله. امتدت ثقته المكتشفة حديثاً إلى مجالات أخرى من حياته التي تفوقت اجتماعياً. تعجب والداه من التغيرات الإيجابية التي شهداها في طفلهم الذي كان خجولًا في يوم من الأيام.
تقف قصة نجاح الطفل راشد بمثابة شهادة على القوة التحويلية للتشجيع والدعم والاعتقاد بأن كل فرد يمكن أن يزدهر عندما يتم توفير البيئة المناسبة له.